كتابات وآراء


الأحد - 22 سبتمبر 2024 - الساعة 11:23 م

كُتب بواسطة : القاضي عبدالناصر سنيد - ارشيف الكاتب


الذهاب الى المحاكم ليس نزهه يراد من ورائها الترفيه ولكن زيارة المحاكم هي الزياره الوحيده والتي ترى الزائرين فيها يتنافسون فيما بينهم ، منهم من بيديه عريضة عصماء لدعوى يريد على عجاله تقديمها ، منهم من يحمل بيديه عريضة شكوى يبحث من خلالها عن الإنصاف ومنهم من يحمل بيديه عريضة أمر على عريضه يبحث عن إجراء وقتي تحفظي يحفظ له حقه ومنهم من يحمل بيديه عريضة دعوى مستعجله بحثا عن استرداد حيازه ومنهم من يحمل عريضة دفع قانوني متعلق بالنظام العام يريد به إفساد الدعوى المرفوعة ضده وهناك من يحمل وكاله شرعيه يريد بها توكيل الغير والكثير غيرهم ممن يحملون مختلف أنواع العرائض والطلبات ،،
من اكثر هذه المناظر غرابة هو عندما يدخل الأطراف إلى المحاكم متابطين بايدي المحامين كلا منهما يرمق ألطرف الآخر بنظرة التحدي واضعين كل صلات الدم والقربى على المحك معتمدين بشكل أو بآخر على خبرات ومهارة هذا المحامي أو ذاك معتقدين بأن هذه الخبره سوف يكون لها الكلمه العليا في حسم مجريات هذه النزاع لصالحه ، وهناك من يدخل المحاكم برفقة فرقة من الأهل والأصدقاء تعمل على الموازره والتشجيع كما يحدث في مباريات كرة القدم معتقدين بأن هذا التشجيع سوف يعطي هذا الطرف أو ذاك اللسان الفصيح الذي يمكنه من حسم النزاع لصالحه ،،
كل من يأتي ضيفا إلى المحاكم ياخد ضيافته ليس بعضا من القهوه او كوبا من الشاي إنما يغادر هذه المحاكم وهو يحمل حكم قياسا على ما ظهر من برهان ، فالكل يأتي إلى زيارة المحاكم لغرض في نفس يعقوب يعمل على تحقيق هذا الغرض بالوسائل القانونيه المتاحه سواء كان يبحث عن حق سلب منه أو كان يبحث عن انتقام مشروع أو كان يبحث عن الحمايه ، كل طرف يعمل جاهدا على تجنيد مااستطاع إليه سبيلا من النصوص القانونيه لتأييد مقالته وكان هذه النصوص قد انشئت خصيصا لخدمة هذا الطرف أو ذاك الكل يعمل على استغلال وتوجيه كلمات النصوص خدمة لمصالحه وفق إرادة هذا الطرف أو ذاك في الوقت الذي يفعل الغريم الشي ذاته لتصبح القوانين بين مطرقة هذا وسندان ذاك ،،
ملف القضيه يحتوي على أوراق فيها قصة نزاع يحاول كل طرف رواية احداث هذه النزاع وفقا للزاويه التي يرى من خلالها الاحداث ولكن الخبره تعلمنا بأن الروايات مهما ماكانت جميله ومقنعه لابد وأن تحمل شيئا من الكذب وبعضا من المبالغة ، القاضي هو من يكتب بقناعته النهايه السعيده لهذه القصه قياسا إلى ما ظهر من برهان...
القاضي الدكتور عبدالناصر احمد عبدالله سنيد
قاضي في محكمة صيره الابتدائيه