كتابات وآراء


الثلاثاء - 17 سبتمبر 2024 - الساعة 03:46 م

كُتب بواسطة : القاضي عبدالناصر سنيد - ارشيف الكاتب


التفتيش القضائي بادر إلى النزول إلى محاكم محافظة عدن في خطوه جاءت متاخره جدا ولكن خلينا نجاري المثل القائل إن تأتي متأخرا خيرا من أن لا تأتي ابدا فجلست افكر في الطرق الذي يفتش بها فضيلة المفتشين والذي توحي اليك للوهله الأولى بأنهم قد جائوا في رحلة صيد لكي يصطادوا ماتيسر من الأخطاء ، وهم يقلبون احشاء السجلات والملفات يبحثون بحماس و بشغف ويساءلون لماذا وضعت هذا الحرف هناك وذاك الحرف هنا يبحثون بإصرار عن إنجاز رقمي يتعلق بالقضايا الوارده والمنظوره والتي انتهت بحكم فقلت في نفسي مايفيد الانجاز الرقمي ، فالارقام عجماء لاتجيد الكلام ولا تفقه حتى في لغة الاشاره ، فهي لاتستطيع أن تخبر فضيلة المفتشين عن حجم التعب والمعاناة والصراخ والدموع والعراك الذي يدور اتناء نظر القضايا وحجم الهم والقلق اتناء حجز القضيه للحكم فايدينا ترتجف بشده اتناء كتابتنا للحكم ننسى تحت رهبة الخوف كل ماتعلمناه اتناء الدراسه مخافة أن يكون قد جانبنا الصواب ليس خوفا من هيئة التفتيش القضائي أو خوفا من مجلس القضاء الأعلى إنما خوفا من الله تبارك وتعالى لأننا بشر نصيب في حين ونخطى في أحيان أخرى فنحن لسنا معصومين ولا منزهين من الاخطاء ، المعاناة والتعب يختلف من ملف الى اخر ، تكاليف هذه المعاناة ندفعها غاليا من رصيدنا الصحي ومن مخزون راحتنا فمعظم أوقاتنا وتفكيرنا اسير و منيع لدى هذه الملفات،،
لماذا لايقيس فضيلة المفتشين حجم هذا التعب؟ هل هناك ميزان خاص يقاس به مقدار هذا التعب ؟ ويقيس معه الصداع الذي تتسبب به القضايا التى تقلق راحتنا بمقياس منصف ، فأغلب القضاة يأتون إلى المحاكم باستخدام المواصلات العامه وهم كبار في السن و يحملون تاريخ طبي ملئ بالأمراض و الأزمات الطبيه التي تعيق نحوا من نشاطهم و بعضا من قدراتهم مع ذلك لازال صدى زئيرهم يسمع في الميدان ،
تساءلت لماذا لايبحث المفتشون عن العداله؟ ويبحثون بإصرار هل تحققت العداله في القضايا التي كانت قيد النظر ؟ أو أن الأرقام في أيامنا هذه قد أصبحت هي اصدق قيلا وأكثر فصاحه ، فالناس عندما تأتي إلى المحاكم فرادى وجماعات فهي لاتاتي على سبيل السياحه أو لالتقاط صور سيلفي مع القضاة إنما تأتي إلى المحاكم بحثا عن العداله فيجب أن يكون الهم الذي يشغل فضيلة المفتشين هو مراقبة تحقيق العداله أما الانجاز الرقمي ممكن الحصول عليه وبدون إرهاق فضيلة المفتشين بالنزول من خلال ربط بيانات المحاكم بهيئة التفتيش القضائي بواسطه التقنيات الرقميه وستأتي هكذا بيانات إلى هيئة التفتيش وبشكل دوري والتي يمكن ترجمتها إلى تقارير كفاءه ،
ادعو هيئة التفتيش القضائي إلى احداث ثوره في منهج التفتيش يعتمد على البحث عن الانجاز النوعي "تحقيق العداله* وليس الانجاز الشكلي الرقمي،،
القاضي الدكتور عبدالناصر احمد عبدالله سنيد
قاضي في محكمة صيره الابتدائيه