كتابات وآراء


الأربعاء - 19 يونيو 2024 - الساعة 08:27 م

كُتب بواسطة : القاضي عبدالناصر سنيد - ارشيف الكاتب


صناعة السلام صناعه فريده لايتقن فنونها سوى الشجعان ، فصناعة السلام تتطلب جهدا وتوفيقا من الله تبارك و تعالى ، تقوم مبادى السلام على الاحترام المتبادل والاعتراف المتبادل بالاخطاء والعمل على أن نتجاوز كل الأخطاء ليس بناء على نيه مزوره ظاهرها حسن وباطنها خبيث أو بناء على امنيات يمكن مناقشتها في حوار مفتوح على انفراد ومن دون اي سقف أو نتائج .
نتذكر بعض من الاتفاقيات المشهود لها بالحكمه وحسن النيه و من اجمل هذه الاتفاقيات الاتفاقية التي أبرمت بين نيلسون مانديلا السجين ودولة جنوب افريقيا وكان أساس هذا الاتفاق هو رمي سياسة الابارتهايد إلى مزبلة التاريخ وانشاء ماسمي حينها بالعداله الانتقاليه والاعتراف بالمواطنه المتساوية بين السود والبيض ، فقد اشرقت دولة جنوب افريقيا على يوم جديد وقد نفضت عن كاهلها هذه السياسه العنصريه ودخل الشعب في مرحله اقرب إلى العتاب منة إلى المحاسبه أو ماتم تسميتها العداله الانتقاليه فتم فتح الملفات الجنائيه دون استتناء وتم تجاوز هذه المرحله بنجاح منقطع النظير ليس لأن الخطط الذي وضعت كانت حكيمه بل لأن النوايا عند إبرام هكذا اتفاقيه كانت صادقه وحسنه فأصبحت جنوب افريقيا الان دوله قانون يشار إليها بالبنان .
دولة تشيكوسلوفاكيا السابقه كلنا يعرفها والذي عاشت زهاء سبعين سنه في ظل دولة الوحده دوله شبيهه نوعا ما بدولتنا ولكن جاءت رياح التغيير بما لا تشتهيه السفن و التى أدت في الاخير إلى انقسام هذه الدوله بسلام إلى دولتين ومن دون إطلاق طلقه ناريه واحده كل منهما يحترم ويعترف بالآخر تم تجاوز كل الخلافات وبأسلوب حضاري لم يتبنى التشيك شعار الوحده أو الموت كما حدث في بلادنا ، فتساءلت لماذا اخواننا في الشمال يتشنجون إزاء رغبة الجنوبيين في الانفصال؟ فليس هناك ما يدعو لمثل هكذا تشنجات ، فنحن الجنوبيون من سعى لهذه الوحده وقدم دولة الجنوب على طبق من ذهب إلى الشمال لأننا ذهبنا الى هذه الوحده ونحن نأمل أن يلتئم شملنا مع اخوتنا في الشمال ولكننا تفاجئنا بعد اربع سنوات فقط بغزو شمالي على الجنوب وفرض الوحده بالقوه فأصبحنا فجاءه في ارضنا اقليه منزوعة الحقوق ومنزوعة الهويه نتجرع الندم على هذه الثقه التي وضعناها في غير محلها والذي لازلنا إلى اليوم ندفع ثمن هذه الثقه . فليس من حق أحد أن يلزمنا باتفاق لا نعترف به وحتى من كان يوما طرفا و قام بالتوقيع على هذا الاتفاق المشئوم قد صار مشردا بعد اربع سنوات فقط من إبرامه، لقد مات هذا الاتفاق فعليا في العام 1994 وانتهت بنوده وفقدت النصوص قوتها على واقع الأرض .
الجنوبيين شعب صعب قاتل على مدى التاريخ لنيل حريته وماجلاء البريطانيين عن الشماليين ببعيد ، الوحده كان عباره عن حلم جميل راود الجنوبيين ولكن بفضل اخوتنا في الشمال قد تحولت هذه الوحده إلى كابوس مرعب يستوجب المداومه في قراءة المعوذات في سبيل طرد كل فكره او وسوسه تدعوا الى شكل ما من أشكال الوحده مع الشمال فالوحده بالنسبه للجنوبيين حكايه قد انتهت.
القاضي الدكتور عبدالناصر احمد عبدالله سنيد
قاضي في محكمة صيره الابتدائيه