كتابات وآراء


الأحد - 23 يونيو 2024 - الساعة 08:55 م

كُتب بواسطة : القاضي عبدالناصر سنيد - ارشيف الكاتب


هناك انواع عديده تدخل من الباب الواسع الذي نسميه شرعا الامانه ، فالامانه التي تبراءت منها السموات والأرض والجبال و قبلنا نحن البشر على جهلنا أن نحمل اثقال واوزار هذه الامانه فوق ظهورنا فلا نحن اعطينا لهذه الامانه حقها ولا نحن تعودنا من شرها فالكل أصبح يقاتل وبشراسه لأجل الحصول على شرف حمل الامانه ربما غير مدرك أن لحمل هذه الامانه تداعيات قد تحملك على اول رحله الى نار جهنم .
من أشد هذه الامانات خطورة وهو عظة الناس من على المنابر ، فتساءلت لماذا يختار البعض القيام بالخطابه في المنابر ، فالخطابه في المنابر بحاجه الى فقه و دراسه شرعيه عالية المستوي فايصال الفكره من العظات ليس بالأمر الهين ، فالخطيب يقف على المنبر ليشاهد أصناف و شرائح من المجتمع منهم الفقير ومنهم الغني ومنهم العامل ومنهم المسئول ومنهم كبار السن ومنهم صغار السن ومنهم استاذ الجامعه ومنهم الطلاب ومنهم الاميون ويجب أن يقوم الخطيب بتوزيع بركات هذه الخطابه ليفهم عامة الناس على اختلاف مستوياتهم العلميه والاجتماعيه كلمات هذه العظه ، فالهدف ليس إلقاء خطاب والسلام ولكن الفن كيف تحوز على انتباه الجميع لتحقق الهدف من هكذا عظات وهو الدعوه الى الله تبارك وتعالى وحده لا شريك له وتعريف الناس بمن هو الخالق تبارك وتعالى وكيفية الدعاء باسماء الله الحسنى وان يحدث الناس عن سيرة رسول الله عليه افضل الصلاة والسلام وكيف حمل هذه الرسول عليه افضل الصلاة والسلام على ظهره هم الدعوى لاسيما عندما هاجر وتجشم مشقة وعناء السفر من مكه الى المدينه ليقطع مسافة 400. كيلو متر وهي المسافه التي تفصل بين مكه المكرمه والمدينه المنوره مشيا على الاقدام وان يعرف الناس كيف وصلت هذه الدعوى إليهم وكم من الصحابه قدموا حياتهم رخيصة في سبيل أن يصل إلينا هذا الدين على النحو الذي نزل على رسولنا عليه افضل الصلاة والسلام وان يتحدث عن الصحابه الكرام بإبراز دورهم الكبير والتضحيات التي قدموها في سبيل نشر هذا الدين و العمل الدقيق الذي قاموا به من خلال النقل والتدوين الدقيق و الصحيح لكل الأحاديث كما جاءت عن الرسول عليه افضل الصلاة والسلام والتذكير بسيرة اولئك العلماء أصحاب المذاهب الاربعه والذين اجتهدوا لنقل احكام هذا الدين في امهات الكتب حتى تكون في متناول أيدينا فقد قدموا لنا عصارة هذا الاجتهاد بأسلوب بسيط رشيق حتى نتجنب نحن محنة الجدال والاختلاف و نتجنب الانزلاق إلى فتنة الانشقاق والانقسام إلى فرق وجماعات كل جماعه تعادي الجماعه الأخرى حتى لانتوه في مزالق تلك الفرق والجماعات والذي حدرنا منها رسول الله عليه افضل الصلاة والسلام أشد تحذير ، لذلك يجب على من يعتلي هذه المنابر أن يمتلك بعض المؤهلات والمواهب الخاصه وأول هذه الصفات التي يجب على الوعاظ التحلي بها هو الصدق .
الصدق موضوع اخد من العلماء والفقهاء الوقت والذي وصل إلى قرون في سبيل إعطاء تعريف مرضي يعكس ولو بشكل تقريبي معنى الصدق حتى استقروا باتفاق أن المعنى الأقرب لتعريف الصدق هو أن يكون ظاهر الإنسان و وباطنه سواء ، فإذا ظهر على سبيل المثال في الكلام مايناقض الفعل فأنت تكون قد دخلت بامتياز في فعل محظور وأصبحت مصداقيتك أمام المصلين محل شك ، ولشدة وخطورة هذا الأمر جاء وصف دقيق لهذه الحال هو الوصف الذي جاء في نص الايه ﴿كَبُرَ مَقتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقولوا ما لا تَفعَلونَ﴾ [الصف: ٣] كما أن ام المؤمنين عائشه رضوان الله عليها قد وصفت الرسول عليه افضل الصلاة والسلام بوصف بديع بقولها كان الرسول عليه افضل الصلاة والسلام قران يمشي بين الناس ، فهذا النصوص واضحة ولا تحتاج من الفقهاء إلى الدخول في متاهة الاختلاف سواء بالاجتهاد في تفسير النص أو الاجتهاد في شرح النص ، فعظة الخطيب يجب أن يكون لها انعكاس معلوم على الفعل فإن اكتفى الخطيب بأحدهما خسر مكانه في قلوب الناس واصبح الكلام الذي تحدث به لايحمل تلك القيمه المرجوه في قلوب الناس..
ختاما الصدق ليس فن نظهر به وفقا لمزاجنا ونخفيه بناء على رغباتنا إنما هو فعل الانبياء والرسل أما الكذب فهي الصفه التي تعرف بها الشياطين.
القاضي الدكتور عبدالناصر احمد عبدالله سنيد
قاضي في محكمة صيره الابتدائيه